حق الأقليات

 

حق الأقليات في استخدام لغتها الأم تصنف اللغة من العوامل الاساسية في تعزيز الهوية الثقافية والتنمية الذاتية كما انها وسيلة التواصل الاساسية مع المحيط والفهم والاكتشاف والمعنى للاشياء والتعلم والأدراك . في كل عام من 21 فبراير تقوم الأمم المتحدة بالأحتفال بالتعدد اللغوي للغة الأم كما تشارك منظمة العلوم والثقافة (اليونسكو) ووكالات الأمم المتحدة في هذه الفعاليات التي تقوم بتعزيز التنوع اللغوي والثقافي. كما تقوم الامم المتحدة في هذا اليوم بتشجيع كافة المنظمات والحكومات لتعليم اللغة الأم ودعمها . تعتبر اللغة لأي شعب بمثابة الهوية والعنوان لتاريخها وحضارتها .فضياع اي لغة يعني ضياع الشعب واندثار حضارته وكل ما قدمه للبشرية طوال الزمن وتنسيبه لشعوب اخرى كانت قد احتلته او ساهمت في ضياع هذه اللغة . في الشرق الأوسط كما في العديد من مناطق العالم اعتمد المحتلون والغزات بالدرجة الأولى في محاربة لغة اي شعب كانوا يحتلونه ما يسهل عليهم دمج وانصهار تلك الشعوب والتخلص من اي مقاومة مستقبلية بحجة اللغة الواحدة وكمثال على ذلك ما قامت به الدول المحتلة لكردستان كالفرس والعرب والاتراك .فمنذ الأحتلال الصفوي والعثماني وما قبله وحتى ايامنا هذه تقوم الحكومات المتعاقبة بمحاربة اللغة الكردية لمعرفتها التامة بأن التخلص من لغة هذا الشعب يعني التخلص من حقوقه ووجوده .وجره الى نسيان اي رابط يتعلق بشخصيته القومية وتشويه لحاضره وماضيه ومستقبله .لكن الشعب الكردي في اجزاء كردستان اثبتوا بأنهم شعب حي يصعب على اي محتل اذابته وطمس هويته القومية وفي مقدمتها اللغة .فرغم كل ممارسات الترهيب وانواع الظلم والتهجير والاعتقال من قبل الحكومات المحتلة .لم تأتي هذه الممارسات الى النتيجة الرجوة .فكانت الام الكردية منطلقآ واساسآ للحفاظ على اللغة عبر التحدث مع اطفالها بلغتهم الام مما اعطا حافزآ لكل افراد الاسرة ومن ثم الحي والمدينة للتحدث بلغتهم الام .فكم من الموظفين فقدوا وظائفهم واعمالهم بسبب التحدث بلغتهم ؟ وكم من الناس تم تهجيرهم والتضييق عليهم بسسب لغتهم .لا بل كم من المثقفين والكتاب والادباء تمت تصفيتهم وعزلهم ورميهم في المعتقلات بسسب لغتهم الأم .الا يشهد التاريخ على مافعتله الحكومة التركية بالمناضلة ليلى زانا والكثير من امثالها بسبب تحدثهم بلغتهم الأم ؟.ظلت هذه الحكومات المحتلة تحارب اللغة رغم توقيعها على معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الأنسان ضاربة بعرض الحائط العهود والمواثيق الدولية .كالحكومة السورية والعراقية والتركية والايرانية .كما في بقع اخرى من العالم كالمغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ومصر التي تحارب اللغات الأم الأصيلة بتلك المنطقة كاللغة الأمازيغية .بسبب هذه الممارسات اللا انسانية ولدت الحركات والأحزاب القومية لتدافع عن حقوق شعبها وكانت من اولى اولوياتها الحفاظ على اللغة الام والمطالبة بحقهم في التعلم بلغتهم وتدريسها في المدارس والجامعات والمعاهد ويتم الأعتراف بها رسميآ .الا اننا وكما ذكرنا سابقآ بأن تلك الحكومات المحتلة لم تستجب بل زادت من اجرامها ومحاربتها للغات الأم . بعد تطور العلم وظهور التكنلوجيا والعديد من وسائل التواصل اصبحت مسألة تدوال اللغة الام والحفاظ عليها اسهل ,وخلق هامشآ كبيرآ يمكن التملص من خلاله من اجرائات الحكومات والجماعات التي تحارب اللغات الام ,كما انها خففت كثيرآ من العبأ على الاحزاب والحركات السياسية . في الوقت الراهن وعلى الاقل في جنوبي وغربي كردستان تجاوز الشعب الكردي وشركائهم في الوطن من سريان واشور وكلدان مسألة الخوف من ضياع اللغة الام .حيث فتحت المدارس والجامعات والمعاهد واصبح الاهتمام باللغة من اولويات حكومات جنوبي وغرب كردستان ,كما استفادت الاقليات في هذا الجزئين من كردستان على الانفتاح والدميقراطية التي تم توفيرها .فاعطي العرب والسريان والاشور وكل الاقليات الموجود الحق في التعلم والتكلم واستخدام لغتهم دون اي معوقات .لا بل يتم دعم كل المؤسسات التي ترغب بتدريس اللغات الام دون اي تميز او تضييق .كل هذه دون ان تكلف الاقليات انفسها حتى بمجرد المطالبة بحقوقها الثقافية والتعلم بلغتها الام بغربي وجنوبي كوردستان .وان كان هذا يدل على شيء فأنه يؤكد للعالم ان اي شعب مظلوم عندما يحصل على جزء من حريته فأنه لا يتصرف كما تصرف معه المحتلون والغزات في طمس ثقافة ولغة الاخريين ,لأنه يكون ادرى بمعنى ان يحرم الانسان من ابسط حقوقه ,فما بالكم ان حصل على حريته الكاملة .فأعتقد حينها بانه سيكون المثال الذي يضرب به في الديمقراطية وحقوق الانسان بالنهاية فأن اي شعب يريد الحفاظ على لغته وهويته لا بد منه ان يدفع التضحيات ويناضل ويستمر بالدفاع عن حقوقه حتى يصل الى حريته الكاملة .

 

الان بڴو 14-5-2017