اليوم العالمي لمنع الانتحار

اعتمدت منظمة الصحة العالمية عام 2003  يوم (10)سبتمبر يوماً عالمياً لمنع الانتحار وذلك بهدف توحيد جهود العالم من أجل ضمان منع عمليات الانتحار ،هذا ومايزال منع الانتحار يمثل تحدياً عالمياً في كل عام حيث يعد الانتحار أحد أهم (20) سبب رئيسي للوفاة على مستوى العالم.

– فالانتحار ظاهرة عالمية لا تحدث  في البلدان المرتفعة الدخل فحسب رغم ازدياده فيه  بسبب نمو نمط  الحياة الروتيني القاتل و المفتقر للتغيير بل هو ظاهرة عالمية تحدث في جميع دول العالم و أكثر من 79% من حالات الانتحار بحسب منظمة الصحة العالمية تحدث في البلدان المنخفضة و المتوسطة الدخل وفي الآونة الأخيرة ازدادت تلك الحالات بين اللاجئين والنازحين وذلك نتيجة حالات الإنهيار التي تصيبهم بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع ضغوط  الحياة التي فرضت عليهم نتيجة الأزمات المادية والأمنية في بلدانهم الأمر الذي يترك آثار نفسية عميقة على عوائل أولئك الأشخاص تستمر لسنوات عديدة و أكثر الفئات العمرية التي تنتشر بينها حالات الانتحار تصل من 15إلى 34سنة ولكن ثمة حالات كثيرة تم تسجيلها بين فئات عمرية تصل 60سنة وذلك بسبب مشاكل اجتماعية فرضتها ظروف مختلفة كحالات الانفصال بين شخصين وفشل العلاقات الزوجية وقلة التعليم .

من أجل الوصول إلى حالة قبول  بذل الجهود لمنع الانتحار وعدم  النظر إليه كنتيجة مقبولة لأزمة شخصية أو اجتماعية يجب أن تقتنع أن الانتحار هي حالة مرضية تؤثر فيها عوامل اجتماعية وثقافية وبيئية يمكن توقيها من خلال الالتزام بمكافحة الأسباب التي يمكن أن تؤدي إليها بالتعاون مع الحكومات الوطنية لوضع خطط وقائية لمنع الانتحار لكونه حالة مرضية.

فقدان الإيمان بالحياة وعدم قدرة الإنسان على تغيير واقع يفرض روتيناً قاتلاً عليه يعد سبباً رئيسياً للانتحار فمهما كانت الظروف التي يعيشها الإنسان فإن عدم قدرته على تغيير روتين حياة فرضت عليه يعتبر سماُ قاتلاً يفكك نفسيته ويدمرها ويدفعه إلى الوصول  لحالة يريد فيها كسر ذلك الروتين الذي لا يستطيع تغييره فيلجأ إلى إنهاء تلك الحياة بيده عن طريق الانتحار ويتم ذلك بطرق مختلفة فعلى سبيل المثال:

– في الدول المتطورة روتين الحياة القاتل وعدم قدرة الكثيرين على إيجاد وسيلة لتغيير ذلك الروتين أو إيجاد سبل لعيش مختلف يصل بهم إلى حالة من الكآبة تدفع الكثير منهم للانتحار .

نذكر مثالا آخر لأوضاع مختلفة عن لاجئ فقد كل ما يملك وعلق داخل مخيم مهما حاول أن يغير ظروف لجوئه فالأمر لا يتعدى قدرته على تأمين قوت يومه الذي قد لا يكفيه وسط ظروف معيشية سيئة تتكرر يومياً دون تغيير وسط  جو من فقدان الأمان و الاستقرار الأمر الذي قد يدفعه إلى الانتحار.

– نذكر مثالاً آخر عن فتاة تعيش روتين حياة ضيقة تقيدها العادات والتقاليد وظروف الحياة العشائرية مهما حاولت التغيير تصطدم بواقع يمنعها من إحداث أي تغيير يذكر مما  يدفعها لفقدان الرغبة في متابعة تلك الحياة التي لن تتوقع منها سوى الأسوأ الأمر الذي يدفعها إلى الانتحار كل هذه الأمثلة وغيرها عن فقدان الإنسان الإيمان بالقدرة على تغيير ظروف حياة روتينية معينة تفقده اتزانه وتصيبه بكآبة تدفعه إلى إنهاء حياته بالانتحار بسبب عدم قدرته على تغيير الواقع الذي يعيشه والذي قتل روح الإيمان بداخله هي أمور يجب على المعنيين توقيها والعمل من أجل الوصول إلى حلول تساعد على الحد منها وإنقاصها إلى النسب الدُنيا المتوقعة وذلك لأن حياة الإنسان هي حق مصان ومن أثمن  ما يمكن للمرء الحصول عليه وإهدارها هو ظلم مخالف لكافة الشرائع الدنيوية والسماوية.

الرئيس المشترك لمنظمة حقوق الإنسان في الجزيرة

غالب خليل درويش

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*