العنف ضد المرأة (الصمت اشد من العنف)

العنف ضد المرأة ظاهرة منتشرة في كافة أنحاء العالم تختلف شدتها وشكلها بإختلاف الظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية في كل بلد

لذلك ونظراًلأهمية هذا الموضوع وتأثيره على المجتمع برمته بإعتبار المرأة العنصر الأكثر فاعلية في بنائه وإدارته فقد نال هذا الموضوع وبفضل نضال حركات نسوية عالمية إهتماماً بالغاً بحيث قامت الأمم المتحدة عبر إعلانها العالمي لحقوق الإنسان بالدعوة للقضاء على العنف ضد المرأة ذلك الإعلان الذي عرَّف العنف ضد المرأة على أنه (كل فعل عنيف بدافع عصبية الجنس يلحق الأذى والمعاناة بالمرأة سواء من الناحية الجسمية أو النفسية أو الجنسية أو التهديد بهذه الأفعال )

  • في المجتمعات الشرق أوسطية تعاني المرأة من أشكال مختلفة من العنف بشكل يومي ومستمر والقائمة على أساس التمييز الجنسي والإجتماعي بإسم الدين والعادات والتقاليد والذي يؤيده قوانين تمييزية تعنف المرأة وتؤيد من يقوم بتعنيفها و ذلك بسبب المصادر التشريعية لتلك القوانين فهي تتعرض إلى العديد من الجرائم القائمة على أساس الجنس كالقتل لدواعي الشرف والإغتصاب والإستغلال الجنسي والتحرش و الإتجار بالنساء كما في حالات تزويج القاصرات وممارسة التمييز ضدها في العمل وغير ذلك من الممارسات التي تفرض صعوبة على مسيرة حياتها المتعثرة بالعديد من القيود التي تفرضها العادات والتقاليد بإسم الدين وبدواعي حماية الشرف .
  • إلا أن ذلك العنف يصبح أكثر ضراوة و وحشية ويخرج عن حدود السيطرة في زمن النزاعات المسلحة والتي شهدناها بشكل مكثف في مناطق الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة والذي بلغ ذروته في العراق وسوريا منذ أكثر من 8 سنوات حيث رأينا أشد أنواع العنف ضد المرأة من قتل وإعقال وخطف وإغتصاب وإتجار وتشرد ونزوح وإستغلال جنسي خاصة أثناء اقتحام المدن وفي أماكن التشرد واللجوء لذلك يكون ملاحقة الجناة ومحاسبتهم في هذه الحالات أمراً في غاية الصعوبة في ظل غياب سلطة الدولة ومؤسساتها وحاكميتها على أرض النزاع
  • لذلك فإن وجود ضوابط وقوانين دولية تتكفل بحماية المرأة ومحاسبة الجناة في زمن النزاعات المسلحة بسبب كثرة الجرائم التي يتم إرتكابها بحقها والتي يعتبرها القانون الدولي الإنساني جرائم ضد الإنسانية كالإغتصاب والقتل والإخفاء القسري والإيذاء الجسدي والنفسي أمر في غاية الأهمية لملاحقة الجناة ومحاسبتهم لتفعيل تلك القوانين لا بد من التأكيد على أهمية جمع الأدلة اللازمة وتشجيع النساء على الإدلاء بشهادتهن لإلزام أطراف النزاع الاعتراف بوقوع تلك الجرائم والإنتهاكات ومحاسبة مرتكبيها وإستخدام كافة الوسائل الممكنة لمعاقبة الجناة من ضمنها وضع إستراتيجية فعالة لتطبيق القرار /1325/ الذي يأكد على ضرورة حماية المرأة في زمن النزاعات المسلحة من الجرائم والإنتهاكات التي ترتكب بحقها وخاصة جرائم العنف الجنسي والذي تعتبره جريمة حرب يجب ملاحقة مرتكبيها ويأكد على ضرورة المساءلة وعدم الإفلات من العقاب وأن لا تخضع مثل هذه الجرائم لأحكام العفو ويلزم أطراف النزاع المسلح على إتخاذ تدابير لحماية المدنيين من العنف الجنسي بما في ذلك قوات حفظ السلام ، فالصمت في مثل هذه الحالات بحجة الخوف من العار والعادات البالية التي تجرم المرأة وتنتقص من قيمة الضحية هو أمر لا يعود بالفائدة على الضحية وإنما يشجع مرتكبي تلك الجرائم على التي تلقى على عاتقهم بحماية المدنيين في مثل هكذا حالات وتزيد من صمم أصحاب المصالح المستفيدة من النزاع وتساعدهم على تحقيق أهدافهم بضمائر أثقل الصمت جفونها لتتعامى عن رؤية الواقع .

 

الرئيس المشترك لمنظمة حقوق الإنسان

غالب  خليل درويش

30/6/2018

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*